23 août 2008

نحن والعسكريون.. وقصة الأسد


نحن والعسكريون.. وقصة الأسد!
يحكى أن حيا من أحياء "الزوايا" كان يسكن ببلدة نائية ينتجع المراعي ويعبد ربه، لا يريد علوا في الأرض ولا فسادا، وذات مرة وبعد أن طاب به المستقر اعتدى أسد على بعض ماشيته وأعتاد ذلك الأسد السطو على ذلك الحي الذي لا حول له ولا قوة، وبعد أن تضرروا بالغ الضرر قرروا التخلص من ذلك الظالم، ولأن العنف ـ وبأي شكل من أشكاله ـ لم يكن سمة من سماتهم اتفقوا على الاستعانة بأهل التخصص، وبينما كانوا تحت ظل شجرة اتخذوها مصلى إذا برجل طويل عريض بقامة العمالقة محمر العينين مفتول العضلات متشحا سيفا صقيلا، فصاح الكل ها قد وجدنا من يخلصنا من خطر الأسد، واستقبلوه بكل حفاوة وعرضوا عليه ماساتهم، وقبل بكل نشوة عرضهم، وطلب منهم جمع الكثير من الحطب وأن يحيطوا بنحن والعسكريون.. وقصة الأسد!ه الحي وأن يظل الأطفال والنساء يدورون بالحي ويصرخون وأشعل النيران في الحطب لتدور دائرة الدخان غامرة الحي، وجلس بعيدا يتطفل على المشهد لا يضيع فرصة للالتفاف على فريسة من ماشية الحي، وبعد أن طالت المعاناة، واستنزف "العربي" الثروة وأختنق ساكنة الحي بالدخان، وأرهق الأطفال والنساء من الجري والصراخ جلس رجال الحي تحت ظل نفس الشجرة "المصلى" لتدارس الموقف، وبعد أخذ ورد قرروا أن يتصلوا بالأسد ليخلصهم من هذا الرجل.
ربما تكون هذه الحكاية وإن كانت أسطورة شعبية تتماشى وما حل بالديار مؤخرا بدءا بحركة الثالث من أغسطس التي فجرت ثورة شعبية، ودغدغت مشاعر الساسة ـ ممن كانوا في صف الجماهير ـ في ذلك اليوم الذي أقدم فيه ضباط من النخبة من جيشه على تخليصه من ذلك النظام الذي طغى وتجبر وكاد أن يهمس بالقول الفرعوني، إن لم يكن فعلها حقا وقالها خلسة في آذان طغمته، ولعله كان يتحين الفرصة للبوح بها في الملأ قبل إزاحته عن الكرسي..!
لقد حجب ذلك اليوم الذي تفاعلت معه الجماهير رؤية نظام طالما حلموا بزواله وضحكوا ملء أشداقهم في أول محاولة جادة قادها فرسان التغيير في الثامن من يونيو، لكن تلك الفرحة وذلك الضحك سرعان ما صار بكاء ونواحا، أيقظ من همم المؤسسة العسكرية وأوقعها في حرج شديد تجاه شعبها ووطنها، الأمر الذي جعلها ترضي ضميرها تجاه الأمة، عندما أهلّت مع ذلك الفجر من نسيم أغسطس 2005 لتأجج مشاعر الكل وتستعطف عامة الشعب قبل أن يكتمل الحلم الذي كان أقرب للخيال، فبعد أخذ ورد لم يستغرق وقتها أكثر من نصف يوم، أبان المجلس العسكري للعدالة والديمقراطية عن رؤيته المستقبلية في الحكم، وهي البادرة التي طالما رددها الكل من ساسة ومثقفين ـ ممن تموقعوا في صف الحق ـ رغم أن الجماهير لم تطل الانتظار إلا بقدر التأكد من نجاح ذلك التغيير، وبدأ المسار كما لو كان من غير صنع الإنسان في مراحله الأولى، وأجمع القادة المصلحون جميع الأطياف السياسية والاجتماعية، والتي لم يغب أو يغيّب عنها من أحد، بما يرضي الفرقاء السياسيين الذين شاركوا في تقويم المسار وتقويته حتى لا ينحرف أو يحرّف عن مبدأ الإصلاح والعدالة والشفافية، وإطلاق العنان للحريات العامة والشخصية، غير أن صدق نوايا قادة الثالث من أغسطس لم يعمر طويلا، وسرعان ما بدأ أصحاب تغيير الأمس يعدون العدة لتحديد الرؤية المستقبلية لزاوية ضيقة، فأقدموا على خلق صنيعة لهم من طبقتنا السياسية المترهلة، والمؤمنة حق الإيمان بنظرية الاصطفاف في الطابور الذي يراه النظام، وهو ما افلت ما تبقى من أنصار النظام السابق وأخرجهم من تحت عباءة حزب رئيسهم المطاح به مشكلين ما يسمى"المستقلين"، لكن هذا العمل لم ير موقفا حازما من طرف القادة السياسيين الذين كانوا يفكرون حينها فقط في الكيفية التي يرضون بها قادة المؤسسة العسكرية، حدا وصل بالبعض إلي مغازلتهم بغرض توفير دعم لهم يوصلهم إلي سدة الحكم من بابهم الذي اختاروا له عكس التوقعات شيخا مسنا لم يسبق له أن مارس السياسة، ورغم أن اختيار المؤسسة العسكرية لهذا الرجل الوقور المتدين لم يمنع المسار من بعض الشفافية، وخاصة في جانبها الفني، فإنه اعترى ذلك المسار بعض الثغرات إلا أن أحدا لم يسجل اعتراضه على تهنئة الرئيس المنتخب، وبدا أن الأمور قد حسمت في جانبها السياسي على الأقل، وإن بدأت بعض المشاكل تطفو على السطح في الأيام الأولى من حكم الرئيس، والتي بدأت بإفلاس شركة الخطوط الجوية، وتسويق لشركة الصناعة والمعادن، وما تلاها بعد ذلك من أزمة الأسعار، والضجة التي رافقت إنشاء حزب "عادل" المحسوب حينها على الرئيس، إلا أن كل هذه المشاكل لم ترى ـ على الأقل من داخل الأغلبية ـ من يسجل موقفا منها، وبعد إقالة حكومة ولد زيدان بدأت بوادر أزمة من داخل النظام تلوح من حين لآخر وتلوكها الألسن في صالونات السياسة، ومجالس "الشاي" إلي أن تمت الاستقالة الجماعية من حزب "عادل" كبداية جادة لأزمة صراع نفوذ داخل القصر الرمادي، إلا أن صافرة الإنذار كانت مع مذكرة حجب الثقة التي قدمها بعض النواب لسحب الثقة من الحكومة، وهي أمور كلها مصطنعة غذّاها قادة المرحلة الانتقالية، ومع أن أيا منا لم يراوده أدنى شك في أن تغيير الثالث من أغسطس لم يكن مشروعا خيريا، وأنه من حقهم الدفاع عن مصالحهم بالطرق الشرعية من تحريض للبرلمان والساسة، وحتى الشعب إن وجدوا، لكن الشيء الذي لم يكن في الحسبان أن يقدموا على هذا العمل الذي لم يعد مستساغا في عالم اليوم، وخاصة بعد أن سجلت بلادنا رقما قياسيا في مجال السير نحو ترسيخ قيم الديمقراطية، والتناوب السلمي على السلطة.
كان بإمكاننا أن ننصف القادة الجدد لو لجأوا إلى عمل أكثر ذكاء مما فعلوا في حق رئيس منتخب اختاروه بمزاجهم السيئ، ودعموه بنفوذهم السلطوي، لكن الشيء الذي لم يكن متصورا هو تلك المبررات والمسوغات الواهية التي صاغها المجلس الأعلى للدولة من تعطيل لدور المؤسسات الدستورية، متجاهلين أو متناسين أن للرئيس الحق دستوريا في أن يعلن حالة الطوارئ متى ما رأى ذلك ضروريا، أحرى أن يعترض على دورة برلمانية طارئة، ومن المطروح جدا والوجيه هنا أن نتساءل، ونتدارس ـ مثل ما فعل أهل ذلك الحي ـ عن الطريقة التي يمكننا من خلالها أن نستغيث بالاسد الذي كنا نخشاه، ليخلصنا من هذا المأزق، بعد ما نقض من استجرنا بهم ما اتفقنا عليه، ما دام الخطر المحدق أعظم مما كنا نخافه..!
الحسن ولد الشريقي
http://www.alakhbar.info/2839-0-0-F5C0--0-FA5.html

2 commentaires:

Anonymous Anonyme a dit...

YA ABDALLAH TAKILLAH
Je viens de comprendre pourquoi les si belles plumes du RFD ne t'accordent la mopindre importance et t'ignorent systématiquement; tes torchons les dégoûtent tellement ...ta façon maladroitement tue d'insinuer que DADDAH, surlequel tu te fixe à jamais, supporte les militaires est érronnée, le leader ne fait que soutenir le déblocage de notre système politique dont les principaux artisans se sont enfin rendus compte de l'inaptitude certaine à progresser.
En tout cas j'enregistre - non pas sans une petite dose de satisfaction - ton début de virage à toi et ta résignation à la réalité que les militaires y sont et y restent ... bienvenue au rang des courtisans !!! LKESRAN MA HANI LAKHRA quoi LA TENHA AN KHOULIKIN... je te l'ai déjà dit; AHMED ZABBAYE ETHROU MA YOUKHATTA..
YA ABDALLAH TAKILLAH

24 août, 2008 09:07  
Anonymous Anonyme a dit...

YA ABDALLAH TAKILLAH
Je viens de comprendre pourquoi les si belles plumes du RFD ne t'accordent la mopindre importance et t'ignorent systématiquement; tes torchons les dégoûtent tellement ...ta façon maladroitement tue d'insinuer que DADDAH, surlequel tu te fixe à jamais, supporte les militaires est érronnée, le leader ne fait que soutenir le déblocage de notre système politique dont les principaux artisans se sont enfin rendus compte de l'inaptitude certaine à progresser.
En tout cas j'enregistre - non pas sans une petite dose de satisfaction - ton début de virage à toi et ta résignation à la réalité que les militaires y sont et y restent ... bienvenue au rang des courtisans !!! LKESRAN MA HANI LAKHRA quoi LA TENHA AN KHOULIKIN... je te l'ai déjà dit; AHMED ZABBAYE ETHROU MA YOUKHATTA..
YA ABDALLAH TAKILLAH

24 août, 2008 09:07  

Enregistrer un commentaire

Abonnement Publier les commentaires [Atom]

<< Accueil